الأم عنوان الحب والوفاء
إلى مَن اختارها اللهُ لتكونَ لي أحنَّ الناس وأطيبهم، ولتكونَ لي عنوان الفخر والعز.
يا سيدتي الفاضلة، إنكِ أعظم امرأةٍ رأتْها عيوني، وكيف لا تكونين أعظم النساء، وأنتِ التي كنتِ لي غيمةً تُمطِر الحب والحنان، وكنتِ لي الحارس الأمين؟! فكم سهرتْ عيونكِ لتحرسَني وتطمئن عليَّ! وكنتِ دومًا قريبة مني، وكأنكِ ظلِّي الذي يرافقني دومًا.
يا معلمتي التي علمتْني السَّير وأنا كنتُ لا أُجِيدهُ، وعلَّمتني الكلام وأنا كنت أصمَّ، وعلمتني التفكير وأنا كنتُ لا أعرف كيف أفكِّر، وعلمتني القراءة والكتابة وأنا كنتُ أمِّيًّا لا أجيد حتى رسم الحروف، يا شمسًا أشرقت لتعطيَني دفئًا يحتضنني في كل يوم، ويا قمرًا يُنِير لي ظلمات طريقي في كل مساء، كم أنتِ عظيمة يا غاليتي! فما جزعتِ ولا ضجرتِ من تصرفاتي الطائشة، وتحملتِ العناء بشقاوتي، وكنتِ تتبسَّمين عندما تَرَينني أتصرَّف بجنون، فهذا هو الحب يا صاحبة القلب الحنون، يا مَن زرع الله فيكِ الحنان والحب والعاطفة، كبرتُ وأصبحتُ رجلاً بأعين الناس جميعًا، ولكن حتى الآن أنا بعينيك الجميلتين طفلٌ صغيرٌ، ولو تعلمين يا أميرتي أني حتى الآن عندما أجلس بقربكِ أرغبُ أن أغفُوَ بحِضنكِ الدافئ؛ لأنِّي أجد فيه الحب والحنان والأمان، قد يحبُّني جميع الناس لحاجةٍ لهم بي، لكنك أنتِ أحببتِني عندما كنتُ لا أنفع في أيِّ شيء، فأحببتني في الله وحدهُ لا غير، عندما كنتُ طفلاً صغيرًا، يا خيمةً تجمع بيني وبين إخوتي، فلولا وجودُكِ بقربنا لتفرَّقنا وتخاصمنا وأصبحنا ضعفاء مشتَّتين، لكنكِ دومًا بحنانكِ بيننا بالحب والمودَّة تجمعين.
حتى أبي الذي هو أفضل رجال عصرهِ وزمانهِ كنتِ سندًا وعونًا له في شدائدهِ؛ فقد رأيتُكِ خير عنوان للوفاء والصبر، والتضحية والعطاء في مشوار حياتكِ معه.
يا مَن جعل الله الجنة تحت أقدامِكِ، قولي لي: كيف أجازيكِ؟
يا أيتها الشامخة كقمم الجبال، أجيبينِي أرجوكِ، فمهما صنعتُ لكِ والله لن أجازيَكِ، فأنا في حيرةٍ من أمري؛ لأني وربِّ الكون أمنيتي في الدنيا أن أرضيك