الشيخ عبد الحي يوسف
السؤال: شيخنا الفاضل أرجو منك سرعة الرد؛ فمشكلتي تواجه الكثير من الموظفات وأنا حائرة لا أعلم ما هو الحل، فهل للزوج الحق في راتب الزوجة، مع العلم بأنني أنا المتكفلة بإيجار البيت والكهرباء والمصروف واحتياجات البيت ومصروف الأولاد وكسوتهم، وكذلك كل متطلباتي وهو لا يصرف شيئاً من راتبه لا عليَّ ولا على الأولاد ولا على البيت ولا عليه.
ومع ذلك يعاملني معاملة سيئة يمنعني من الخروج والذهاب للمدرسة أو لزيارات الأهل، أصبحت مع ذلك كله العلاقات بيننا باردة لا حب ولا احترام من ناحيته، أما أنا فصابرة من أجل الأجر أولاً، وثانياً من أجل أولادي هل بعد هذا كله له حق في راتبي؟ أفيدوني بالله عليكم وجزاكم الله الجنة.
الإجابة: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالواجب أن يعلم الزوجان أن الله تعالى قد أوجب عليهما أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، وأن يتقي الله فيه ما استطاع، وما ينبغي للزوج أن يسيء معاملة زوجته ويمنعها من زيارة أرحامها، بل الواجب عليه أن يأمرها بذلك ويعينها عليه؛ لأن صلة الأرحام قربة لله، تزيد في العمر وتبارك الرزق؛ اللهم إلا إذا علم أن أرحامها يفسدونها عليه، أو كانت زيارة الأرحام أولئك مدعاة إلى ارتكاب المنكرات.
ثم إن الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وعياله؛ لقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله}، وقوله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}.
ولما سأل معاوية القشيري رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال: "تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تهجر إلا في البيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبِّح"، وراتب الزوجة حق خالص لها؛ تنفقه فيما شاءت من أوجه الحلال، وليس للزوج أن يطالبها بشيء منه؛ لكن له الحق في منعها من العمل وإلزامها بالقرار في البيت؛ وإذا كان عملها خارج البيت يؤثر على قيامها بحقوقه الواجبة عليها، فله أن يطالبها من راتبها بما يكافئ تلك الحقوق؛ لأن خروجها للعمل صار خصماً على ما يجب عليها نحوه، والغرم بالغنم.
وأما ما تقومين به من النفقة فأنت مأجورة عليه مثابة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها"، أسأل الله أن يؤلف بين القلوب، والله تعالى أعلم